مذهب حقه: الإيمان بالحق
Thursday, 12/07/2012, 12:00
ساعدت جبال ووديان إقليم كردستان العراق، ذات التضاريس الوعرة والطبيعة الخلابة المعطاء على حماية أديان ومذاهب وأفكار، قد تختلف بين قرية وأخرى. فمن يجعل الجبل ظهرا له لا يخشى الغارات، ولا يقبل بالتعدي عليه، وعلى وجه الخصوص للجماعات التي رأت في الفكر والفقه السائد أنه لا يتناسب مع تطلعاتها إلى التقدم والمساواة، من هذه الجماعات مذهب أهل الحقة (أهل الحق).
تطلعت إلى زيارة قراهم والسماع منهم، فما كتب عنهم وعن غيرهم مِن الأديان والمذاهب كان مخجلا، فأول التهم التي يصوبها، من جعلوا أنفسهم وكلاء الله، الإباحية، وقديما قيلت ضد الحركة القرمطية، ومازالت تقال ضد أحزاب وجماعات مخالفة، وقرأناها لبعضهم ضد أهل الحقة.
لساعات استمعت لأحد أبناء هذه الطائفة، ومن مثقفيها، الأستاذ مصطفى عسكري، وهو يسرد تاريخ مذهبه الصوفي، وما كنت أصله لولا ابن أخيه شالاو عسكري الذي استضافني ليوم وليلة في داره الخشبية الكائنة عند سفح جبل بير مقرن، منطقة سورداش.
جماعة الحقة متصوفة على الطريقة النقشبندية، التي يذكر أن أول من أفشاها بالسليمانية الشيخ خالد النقشبندي (1826)، ويذكر أنه أول من اختلف عن سائر النقشبندية بأفكار وآراء اجتماعية هو الشيخ عبد الكريم شدهله (ت 1942)، عاصر الاحتلال البريطاني للعراق، واعتقل السنة 1934 بكركوك، وكان يؤمن بالاحتجاج السلمي، فاجتمع أتباعه وساروا بمسيرة جماعية وهم يرتدون أكياس الجنفاص (الكواني)، ولم يحملوا أسلحة.
في حالة مماثلة أن اعتقل شيخ الحقة التالي، مام رضا (ت 1961)، السنة 1944 بكركوك ثم أبعد إلى لواء العمارة (ميسان)، فسار أتباعه من قراهم، الواقعة الآن ضمن قضاء دوكان محافظة السليمانية، حاملين العصي إلى كركوك.
في قرية كلكه سماق، حيث التكية وضريح الشيخ مام رضا، رأيت كيسا من الجنفاص معلقا، معمولاً على شكل قفطان أو ثوب ومعلقة به عصا، كرمز إلى ثياب الاحتجاج والعصي تلك. وأراها بادرة متقدمة في الاحتجاج أو العصيان المدني، وأن تمارس في عراق الثلاثينيات والأربعينيات من القرن المنصرم. مع علمنا أن الشيخ رضا كان أحد الموقعين على بيان السلام العالمي جنبا إلى جنب مع الشيخ الحلي عبد الكريم الماشطة (ت 1959).
من مبادئ مذهب الحقة الإيمان بالحق لأنه حق كدين وضمير، وأن أحدهم لا يتردد في الوقوف ضد أخيه إذا كان مع الباطل، وصار هذا المبدأ حياة يعيشها الإنسان الحقي. كذلك يؤمن أهل الحق باحترام المرأة ومساواتها بالرجل، انطلاقا من مبدأ الأخوة الذي تعاهدوا عليه رجالاً ونساء، كذلك ألغوا مهر النساء، واعطاء المرأة الحق المطلق باختيار شريك حياتها.
ومن المبادئ التي تعايشوا عليها التعاون بين أفراد القرية أو الجماعة، بجمع الأموال كي لا يبقى فرق بين فقير وغني.
من مبادئهم أن الفروض الدينية تمارس بحرية شخصية، لأنها لله لا للبشر، ويرفضون النفاق بها، فالأهم عندهم هو الإيمان بالله، أما العبادة فهذا شأن شخصي.
يؤمنون بالسلم إلى حد بعيد. من مبادئهم قتل الغرور، وهم لا يقبلون الأغا في مذهبهم إلا بعد التأكد من تنازله عن مستواه الاجتماعي، فعليه ألا يركب الحصان ولا يحمل السلاح ولا يتبع بخدم وحشم. لكن يبقى الإيمان بالحق فكرة و ممارسة هو الأهم عند هذه الجماعة، الحق لذاته، غير المرتبط بنزعة دينية أو قومي
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست