امارة ايزيدخان ...هو الحل ...الجزء الثاني
Saturday, 23/02/2013, 12:00
برأينا ان قضية اليزيدية هي في الاساس قضية حقوق مغدورة وتهميش وتقصير...والعلة وللاسف الشديد تكمن في "ايزيدية" اليزيدية. عند هذه الحالة ما هو السبيل الى معالجة الامر في عراق طائفي بحت مستقطب سياسيا حول الطائفية القومية والمذهبية من قبل الاطراف السياسية الثلاثة الكبرى, الا وهي الشيعة والكورد والعرب السنة.....في الحقيقة تكمن ماساة الشعوب العراقية اليوم دون اسثناء في غياب العقل لصالح العاطفة وفي غياب الولاء للوطن لصالح الولاء للقومية والمذهب. اذن الشعوب العراقية هي طائفية بافعالها اليوم بامتياز حيثت نجحت الاحزاب القومية والدينية في تسويق بضاعتها السياسية بالكيفية التي تناسبها. اذكروا لي حزبا عراقيا او كوردستانيا واحدا قدٌم برنامجا سياسيا شاملا قبل الانتخابات يتحدث عن الاقتصاد والخدمات وما شابه ذلك! اذكروا لي حزبا عراقيا او كوردستانيا واحد غير مختزل في قائد الضرورة...! كم عراقيا من زاخو الى البصرة صوت لغير احزاب طائفته؟ اذن فمشكلة العراقيين جميعا تكمن في نفاقهم السياسي. اذكر مثالا لاحصرا حزب ينتقد رئيس حزب اخر ويتهمه بالديكتاتورية وينادي بتحديد فترة منصب رئيس الحزب المذكور بفترتين انتخابيتين وباثر رجعي...لكنه في ذات الوقت يتجاهل تربع رئيسه على العرش الى يوم القيامة...لماذا؟ في العراق وكوردستان نعاني من ازمة ثقافة ومن ازمة قيم...فكيف السبيل الى بناء الدولة واحقاق العدالة الاجتماعية بغياب هذه الثقافة؟ كيف تبنى الديمقراطيات وكبريات احزاب السلطة تضمن سلطتها الى حد كبير بتزوير الانتخابات....انه عار ما بعده عار. في خضم الفوضى السياسية من الطبيعي جدا ان نلتفت قلقين على مصير الاقليات عموما والمكون اليزيدي خصوصا...وقضية المكون هي ليست في كونه قومية او لاقومية او في اسم هذه القومية. قضية اللاعدالة الاجتماعية هي القضية المحورية هنا....ان كان اليزيدي ينبع من اصول عربية او كوردية او داسنية او ميدية هذا ليس جوهر المشكلة وذلك امر متروك للباحثين والمؤرخين وعلماء الاثار وغيرهم من المختصين. نحن نتكلم عن حالة سياسية قلقة وعن معادلة سياسية ايزيدية كوردستانية مختلة التوازن. فليقر من يشاء من اليزيدية بقوميته الكوردية مهما يريد ...لكن تبقى القضية الرئيسية كما هي. لقد مضى من الزمان ما يكفي لتقييم المكون اليزيدي لتجربته السياسية مع الاحزاب القومية الكوردية وهذا حق دستوري مكفول لكل مواطن. فكما ان حق التفكير والعمل السياسي مكفول للكوردي المسلم الاسلامي التوجه سياسيا فلابد ان يكون هذا الحق مصانا لليزيدي الذي يريد العمل السياسي خارج السرب القومي السياسي...وبخلاف ذلك نتحدث عن ظلم واجحاف لحقوقه المشروعة. انا لااقصد حزب سياسي يزيدي ديني ابدا فانا سعيد جدا بخلو العقيدة اليزيدية من الاحكام والشريعة التي تعقد الامور الدنيوية وتقف حائلا في طريق بناء الدولة العصرية. ما اعنيه ان الديانة اليزيدية قد انعمت على معتنقيها بخلوها من الامور الدنيوية ولست ابدا مع اقحام هكذا امور في الدين او بالاحرى اقحام الدين في السياسة. اذن تبقى هنا الهوية اليزيدية باقية بكل المقاييس فبعض يسميها بالخصوصية اليزيدية والبعض الاخر يصفها بالكورد الايزيديين وهناك من يصفها بالقومية اليزيدية....لايهم ...ما يهم اننا امام هوية خالصة مهما تفننا في التسميات فالانتماء الى الهويات الاجتماعية هو انتماء فطري قلبي وايماني قبل ان يكون اي شيء اخر.
طرحنا تصوراتنا على خلفية تقييمنا للتجربة اليزيدية السياسية منذ قيام "دولة الاقليم في كوردستان العراق" في بداية تسعينات القرن الماضي فوجدنا خللا كبيرا وخطورة اكبر يجازف المكون اليزيدي زواله اذا ما استمر الامر على منواله الحالي. الهوية اليزيدية, او خصوصية اليزيدية لكي لاندع المجال لمن يحاول صرف النظر عن جوهر القضية الى نقاش اكاديمي عقيم, محددة بماذا؟ اذا لم يشكل ارض ايزيدخان جزءا مهما من هذه الخصوصية او الشخصية؟ انا ارى ان ضمان ايزيدية ارض ايزيدخان اهم بكثير من حق اليزيدي في ممارسة طقوسه وشعائره الدينية فليس ما هو اقدس من الارض واهم منه في بناء هوية الانسان. طيب الواقع الاليم يحدثنا بان رقعة ايزيدخان تتقلص لكل يوم يمر...لماذا؟ نريد ضمانات لعدم حصول هذا الامر...انه ليس بعمل اخلاقي ان تهضم حقوقك وتبقى على حافة الفقر بينما يصبح اخوك في المواطنة اكثر ثراء لكل يوم يمر ثم يستخدم ثرائه الغير العادل هذا لشراء ارضك حيث يدفعك جوعك الى بيعها....! اية قيم اخلاقية تقبل بمثل هذه الاخوة؟؟؟ اذن مهما كانت تسمية الهوية اليزيدية نحن امام غريزة تدفع بالمرء الى التفكير للخروج برؤى وتصورات لعمل ما من اجل البقاء....طرحنا فكرة ان "الامارة اليزيدية ...هو الحل" فحركت الفكرة العقل والغريزة فكانت ردود افعال اكثر من المتوقع بقترة قياسية....بطبيعة الحال وجدنا فائدة في متابعة الفكرة حيث ان الفكرة هي اساسا على بساط الحوار والنقاش...بداية أوكد على ان مصطلح الامارة في مقالنا السابق لم يكن الا رمزيا اي ان المهم هو نوع من الحكم الذاتي ولم اقصد الاستقلال بالضرورة و الانفصال من كوردستان او العراق...انا ابدا لم اقصد من مصطلح الامارة ما قد يوحي الى احياء امارة شيخان تحت تسمية ايزيدخان وتحت امرة امير حاكم على شاكلة ايام زمان...! انا اقصد حكم ذاتي حقيقي على اساس حكم الشعب للشعب ...حكم يضمن للمكون اليزيدي فرص بقائه بتشريعات وسلطات تنفيذية وقضائية...حكم فيه الدين مفصول عن الدولة او الادارة. انا لاتهمني الصفات الاكاديمية النظرية البحتة ومن الغباء السياسي الاختفاء في مناقشات نظرية بحتة على حساب حقوق المواطنة والعيش الكريم في ظل العدالة الاجتماعية....بعدها ليعتز كل بعقيدته وباصوله العرقية وبتاريخه كما يشاء. كل المؤشرات والمعطيات تشير الى تقسيم العراق بشكل او باخر...طيب ايعقل ان يراهن مكون كامل مصيره في تجربة غير موفقة دون ان يكون له رؤية واستراتيجيات تهم خصوصيته؟ المكون مضطر للتعامل مع التحديات التي باتت تطرق على الباب؟ هل سيكون الانتماء الى هذا الطرف او ذاك؟ ولماذا؟ وما هي الضمانات؟ وما هي الحقوق التي ستضمن؟ وما هي الوسيلة للتفاوض على حقوقه؟ ليس من العدل ان يقرر هكذا امور اناس حزبيين ومتحزبين في طرف سياسي دون اخر؟ هل من المفيد اجراء استفتاء شعبي يزيدي عام؟ وكيف سيتم هذا الاستفتاء ليكون عادلا ومنصفا؟ اين اليزيديون وقادتهم من كل هذا؟ امير يتربع في دولة اجنبية لانعرف ان كان لاجيء سياسيا ام ماذا؟! وشعب حائر في امره بعيدا عنه بعشرات الالاف من الكيلومترات....رؤساء عشائر يزيدية في عراق وكوردستاني عشائري اكثر من اي وقت مضى قد فقدوا زمام امور العشيرة! سياسيين يزيديون وبرلمانيون في واد وشعبهم في واد اخر...! مثقفين يبحثون عن الكراسي اكثر من حلول الماسي...! رجال دين احتاروا في امرهم وامر رعيتهم...لا يحلون ولا يربطون بل كلهم مختزلون في شخص او شخصين وقطعا لا يتعدون اصابع اليد الواحدة....! شبيبة مصدومة من هول التشرذم والكارثة ومن بئس الموروث الثقافي والسياسي من المعمرين والمنتفعين....! انها فوضى بمعنى الكلمة . ما يدعو الى التفائل رغم كل ما تقدم هو يقظة الشبيبة مندفعين بالفطرة ومسلحين بالعقل للتفاعل مع هذه الفوضى وجعلها فوضة خلاقة تتحق منها الذات اليزيدية الجريحة المغيبة.
بقلم وسام جوهر
كاتب ومحلل سياسي
السويد 2013-02-23
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست