بقلم وسام جوهر كاتب و محلل سياسي السويد 2013-01-29 ان قضية خطف الطفلة اليزيدية سيمون قد هزت وحركت الكثير. لقد وضعت سيمون الجميع على المحك و حركت الكثير من المياه الاسنة ففاح منها روائح كريهة. سيمون هزت اركان المجتمع اليزيدي الغائط في نومه العميق. فاق اليزيديون على واقع مؤلم ومرير ليفهم ان ليس كل ما يلمع فهو ذهب. ما هذا الذي يحدث من حولي ذهب اليزيدي المندهش يسأل نفسه....طفلة يزيدية في الحادية عشرة من عمرها تخطف في وضح النهار؟....تهرب مع رجل مسلم متزوج بائع متجول؟ ....اختطفت...هربت... خدعت (بضم الخاء) ....سيان الامر ليبقى السؤال هو...هو... لماذا؟ والسؤال يثير السؤال لينتهي الامر باليزيدي الى اسئلة لطالما عرفها... تجاهلها...اخطأ التعامل معها ....ولكن ها هي سيمون الطفلة تضعه على المحك. اذا كانت سيمون قد اختطفت ....يبقى السؤال ...لماذا؟ هل اختطفت لتصبح ضحية لعبة سياسية قذرة يراد منها الانتقام المزدوج...هل ثمة اطراف سياسية لها المصلحة في الانتقام السياسي من الضحية واقصد هنا الحزب الديمقراطي الكوردستاني و اليزيدية الذين صوتوا له يجلهم؟ ما يتحدث لصالح هكذا سيناريو و للاسف الشديد هو الدور الذي لعبته قناة ال KNN التابعة لحركة كوران يشبه تماما الدور الذي لعبته و تلعبه قناة الجزيرة القطرية في اثارة المشاكل لدى الاخرين. هذه القناة ابت الا ان لاتكون حيادية في تناول القضية. حاولت مرارا و من دون جدوى ان ابين ضرورة افساح المجال للمجتمع اليزيدي ليعرض قضيته على شاشتهم امام الراي العام لطالما اختارت القناة بث موضوع في كثير من الحساسية. تلمست ممن تحدثت معهم اللارغبة في تناول قضية سيمون على اسسها وابعادها الحقيقية رغم الكثير من الكلام المعسول منهم ومن نوع "كلمة حق يراد بها باطل". انها محاولة بائسة ورخيصة ومفضوحة و منذ اللحظة الاولى من قبل الخيريين و المتنورين من الشباب اليزيدي الذي بات يقراء المشهد بعيون متفتحة هذه المرة ومتحفزا من جرحه العميق. هذا لا يبريء باي شكل من الاشكال الشريك اي الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي تاخر و تلكيء وتخبط وتماطل واستخف بمشاعر وقلق شريكهم. تكابر الحزب في تعامله مع القضية واستخف بها اذ اراد لقضية سيمون الطفلة ان تكون قضية خطف عادية وذلك شان المحاكم والقضاء....طيب المشكلة ان قضية سيمون لم تكن عادية باية مقاييس كانت. اتسائل و الشارع اليزيدي الغاضب معي مالذي منع الحزب قيادة وكوادر وقواعد الى هذا الصمت والتعتيم....وهذا واضح وجلي من غياب اي بيان من اي مستوى حزبي او حكومي من شانه تهدئة اليزيدية....وواضح وضوح الشمس من الصمت القاتل للنواب اليزيديين في بغداد الذين باتوا يزورون بيوتنا يوميا غير مدعويين من على شاشات الفضائيات, يتسابقون في تصريحات عن كل صغيرة وكبيرة حتى تسائلنا لوهلة ان كان لنا نحن اليزيدية عداء لانعرفه نحن العامة مع فخامة رئيس الوزراء نوري المالكي لا سمح الله وذلك لشدة تحامل البعض من نوابنا اليزيدية عليه وهم يحاولون جهدهم لضمان الترشيح القادم على الابواب... فلا ضير في ان يكونوا ملكيين اكثر من الملك واكرادا اكثر من الكوردايتي نفسها...غابوا او غيبوا في قضية سيمون....انه في تقديرنا خطأ فادح ارتكبوه الجميع و لاضمان لهم في اعادة الترشيح سوى التزوير في ظل الهيمنة و النفراد والتفرد بالسلطة ....ولكن الى متى....؟ ما من احد طالب الحزب و السلطة صنع المعجزات ...كان سيكفي القليل ...القليل من البلسم على الجرح اليزيدي العميق...كلمة مواساة وتضامن....اجابة او رد رسمي على رسالة راس الهرم اليزيدي المتمثل بسمو الامير الذي طالما كان السبٌاق الى نجدة كوردستان....اذكر من نسى او تناسى دوره ودور اليزيدية في انجاح الدستور العراقي الذي منح كوردستان و الاكراد ما لم يحلموا به يوما....ما هكذا تورد الابل يا اربيل....! لاشك في ان التيار الاسلامي المتشدد يحقق انتصارات بفضل اخطاء الاحزاب الحاكمة ومن اهم هذه الاخطاء تباعد احزاب السلطة وقياداتها من قواعدها الوفية عبر التاريخ لا بل تجاهل هذه القواعد و اليزيدية والفيلية خير شاهد على ما نقول. خصوم الحزب كثيرون وليس للحزب طاقة في دفع حلفائه ومؤازريه الى احضان الخصوم. نقولها من باب الحرص ولايماننا بان تدارك الامر ممكن وان تاخر كثيرا. ها ان سيمون الصغيرة قد وضعت الحكومة و الحزب على المحك....فقضية سيمون تعدت ومنذ اللحظة الاولى كونها جريمة خطف انسان لاخر....كوردستان الان مطالبة و الضغوط تنهال عليها من كل حدب وصوب ....من الاصدقاء قبل الاعداء ...في سن قوانين مؤلمة لكنها ضرورية لحماية الاقليات....ان السماح في تغيير الدين للقاصرات والزواج منهن يتعارض تماما مع الدستور ولائحة حقوق الطفل والانسان ناهيك عن كونها مشكلة اخلاقية لا يستهان بها....فما العمل يا كوردستان...هل ستمضين الى مطاف الدول المتمدنة ام ستركعين امام المد و الشد الاسلامي وتبيحين اغتصاب الاطفال؟....خياران احلاهما مر....! اترين يا كوردستان كم غاليا اصبح مهر سيمون الصبية؟ سيمون وضعت الاسلام ورجال دينه في كوردستان على المحك....لا بد لهم الان من اتخاذ موقف صريح مهما كان مؤلما...هل ستستمرون في صمتكم وذلك ايماء على القبول باسلمة الاطفال ونكاحهن ما طاب لكم من يزيدية ومسيحيين؟ ...ام انكم ستخرجون من جحوركم المظلمة لتسعفوا الاسلام قبل سيمون, لتعلنوا ان "لا اكراه في الدين" وان الاسلام دين المحبة والتسامح وان نكاح القاصرات والاطفال امر مشين وان كانوا من غير المسلمين؟ نعم لقد نزل الوحي على سيمون رسولا يحذر ناكحي الاطفال والقاصرات . سيمون وضعت العرف العشائري على المحك...عشائر لطالما عاشت بوئام وسلام مستمتعين علاقات الجيرة الطيبة و عشيرة سيمون وعشيرة كوران خير مثال على ذلك....فلمن لايعرف نذكر بان المرحوم مشير اغا والد السيد بشار رئيس عشيرة الكوران, وجد هو ومجموعة من رجاله في الستينات من القرن الماضي احضان يزيدية ,في قرية خورزان, دافئة مدافعة عنهم من بطش السلطات الحكومية انذاك حيث كان المرحوم محكوما بالاعدام...وحكي لي ان عائلة جد سيمون كانت من بين العوائل التي فتحت ابوابها لهم....اهكذا تورد الابل يا كوران؟ انتم مطالبين ايضا باعلاء شان كلمة الحق و لامبرر لعرقلة القانون خاصة وان الامر ليس عشائريا.. سيمون الطفلة تضع المجتمع اليزيدي على المحك. فما فات قد مات وما هو ات لامحال وما جاز بالامس لايجوز. بات جليا ان المجتمع اليزيدي لم يعد قادرا على مواجهة التحديات وهو متشرذم متفتت غير موحد الكلمة والصف. فالانتماء بالولادة الى اي دين كان لم يعد كافيا في عصر الانترنيت و الفضائيات و "مهند" و "علمدار" وغيرها من مسلسلات التفسخ الاخلاقي. فاين نحن اليزيدية من كل هذا؟ نرى تغييرات كثيرة ومتسارعة دون ان نرى تغييرا. لنكن صريحين من باب الحرص....كم يزيدي يحفظ دعاء او حتى شهادة الدين؟ كم يزيدي يعرف شيء من تاريخه واصوله ؟ كم يزيديا يعرف شيء عن طبقات الشيوخ و الابيار وعن المحرمات والممنوعات واسبابها ناهيك عن الاعياد ومعانيها؟ في غياب كل ذلك كيف السبيل الى الاعتزاز بهويته والتشبث بها؟ ها هي سيمون قد وضعتنا وجه لوجه ازمتنا الحقيقية ....اننا حقا بحاجة الى الاصلاحات والتغييرات الحقيقية لاتمس جوهر وماهية الدين بل كل ماحوله من تراكمات باتت تثقل كاهل الهوية وفرصها في البقاء. الى متى نخسر ابنائنا وبناتنا الى الاخرين...؟ ما المانع من اعادة النظر وتقييم الزواج المغلق؟ الدين اي كان هو في الاساس لايجوز ان يكون حكرا على مجموعة بشرية معينة, فمن امن بالعقيدة اليزيدية ورمزها طاؤوس ملك لما لا؟ ولكي لا نتصادم مع الاسلام الاحادي الجانب في هذا المضمار نستثني المسلم من هذا الانفتاح ونعمل على ايجاد ميثاق شرف وعمل مع الاسلام على اساس ان لا اكراه في الدين. ان استمرار اليزيدية على انغلاقهم المحكم في هذا العصر امر يجاري الانتحار وها هم قد استطونوا دولا في غاية التقدم الحضاري العلماني, دولا وضعت حدودا فاصلة بين الدين والدولة...انظمة قانونية يتساوى امامها الجميع "شريعة" واحدة لا شرائع بعدد الاجناس والاشكال.ها هي عزيزي القاريء سيمون الرسول المبعث الينا لننفض عنا غبار الزمن ولننتفض على واقعنا قبل ان يلهمنا واقعنا في نومنا. فهل ياترى ستصبح سيمون شرارة الربيع اليزيدي ام انها سحابة غيم صيفية؟. وكلام مفيد "لامعركة خسرناها.... ولا حرب كسبناها". الكاتب والمحلل السياسي