امارة ايزيدخان ...هو الحل
Thursday, 14/02/2013, 12:00
13
توطئة لا بد منها:
عندما اقدمت امريكا وبمباركة الغرب على اسقاط نظام البعث في العراق بذريعة تهديده لنظام الامن العالمي وذلك بامتلاكه للاسلحة النووية, صفق العراقيون للمحتل قبل الغير متشوقين الى بعض من الحرية وقليل من الهدوء بعد سنين عجاف ادخل فيها البعث العراق في حروب وحصارات مدمرة. امريكا كانت تعلم علم اليقين خلو العراق من الاسلحة النووية. اذن يبقى السؤال لماذا تم احتلال العراق. سؤال , نحتاج الى بحوث للاجابة عليه بالتفاصيل والتشعبات والتفرعات. بكل تاكيد لم يحث كل ذلك بمعزل عن نظرة استراتيجية بعيدة المدى. العراق بلد نفطي يملك اكبر احتياطيات النفط في العالم على المدى البعيد, اذ يقال انه البلد الوحيد الذي سيضخ النفط فيه 100 عام بعد ان يستنفذ في الاماكن الاخرى. اذا ما اضفنا الى ذلك مساحة العراق وخصوبة القسم الكبير من اراضيه والمورود البشري بارثه الحضاري و الانساني وكون العراقي مبدع وخلاق اذا ما توفرت له الظروف والمقومات المناسب لادركنا الاهمية الاستراتيجية لبلد كالعراق و لادركنا مخاوف الغرب من احتمالية نهوض بلد كالعراق يوما ما. اذن فالغاية الاساسية من احتلال العراق لم يكن ابدا العثور على الاسلحة النووية وثبت ذلك وفضح امرهم. لم تات امريكا من اجل سواد عيون الكورد وهي التي غاضت الطرف عن حلبجة وقت حدوثها. وامريكا لم تسرع الى العراق لنصرة مظلومية الشيعة وهي ذاتها التي وقفت وراء تحريك الشيعة ثم قررت ان تخذلهم لاحقا ودعت صدام يفعل فعلته بهم. امريكا اثبتت بالبراهين انها استهدفت العراق في المقام الاول كدولة وليس كنظام حكم. هذا واضح جدا من قرارات الحاكم الامريكي بول بريمر الذي حل كافة مفاصل الدولة العراقية وراينا مشاهد محزنة في شوراع بغداد في بعض من مناحيها جعلتنا نستذكر من التاريخ ايام الغزو المغولي الذي استهدف حضارة بغداد.رأينا تفريغ وزارات الدولة ومؤوسساتها من ممتلكاتها ووثائقها....وكاننا نشاهد فلم عن غزوات النهب والسرقة....احزاب سياسية نهبت ممتلكات الدولة واستولت عليها كغنائم حرب وهي تحتفظ بها الى يومنا هذا...! لماذا حدث كل ذلك منافيا لكل الاعراف والموايثق الدولية التي تحمٌل سلطة الاحتلال مسؤولية الدولة. الاجابة المنطقية لايمكن لها ان تكون غير مشروع تمزيق العراق وتفتيته. المحتل لم يات اعتباطا بل كان قد درس مقومات نجاح مشروعه فوجدها في التناقضات التي يحملها العراق في احشائه....لعل اهم هذه التناقضات الصراع الشيعي السني المؤجل والذي بدأ منذ اكثر من الف عام ولااحد قادر ان يتكهن بان ينتهي يوما ما...! التناقض الاخر والكبير الصراع الكوردي العربي منذ ان تاسست الدولة العراقية الحديثة ولن يكون له حلا نهائيا الا بالطلاق والافتراق. من هنا طرح جون بايدن ومنذ البداية مشروع تقسيم العراق الى ثلاثة دويلات, دويلة شيعية في الجنوب, واخرى سنية في الغرب و كوردية في الشمال. بذلك يكون الحلفاء قد حصل كل منهم على غنيمته. فالاكراد يحققون حلمهم التاريخي بقيام دولة كوردستان, والشيعة كذلك في قيام شيعستان في جنوب العراق حيث الارض التي قامت علبها دعوتهم قبل اكثر من الف سنة. اما السنة العرب فيجردون من امتيازاتهم ولهم الاكتفاء بدولتهم القومية في غرب العراق. هذا ما هو معد للعراق منذ ان قررت امريكا احتلال العراق. اذا التطورات التي طرأت على العراق منذ سقوط بغداد في نيسان 2003 تقطع الشك باليقين على اننا ماضون لامحال الى تقسيم العراق بشكل او باخر.... ان عراقا لايريده احدا من اطرافه الا اذا ضمن له السيادة محكوم بالفشل.
ما علاقة كل ما تقدم بدولة ايزيدخان؟ اذا كان العراق ماض الى الزوال في هيئته القديمة يصبح السؤال الطبيعي للاقليات العراقية المختلفة ان تبحث عن مكان امن لها في زاوية من زوايا العراق الجديد. بكل تاكيد تتعدد الحلول وتضاهي في عددها اضعافا مضاعفة عدد هذه الاقليات. هناك امور وهموم تشترك فيها هذه الاقليات واخرى تخص هذه الاقلية دون الاخرى. موضوع بحثنا يخص المكون اليزيدي الذي وللاسف كبى كبوة حقيقية في بداية مشواره على مسرح المشهد السياسي العراقي الجديد, عندما تنازل عن هويته المستقلة لصالح الهويات الاخرى. في ظل ما تطرقنا اليه نرى ان الهيكليات العراقية الجديدة تتمحور كل منها حول هوية اجتماعية معينة. فاما الاكراد ملتجاين من الاساس الى الهوية القومية محورا لكيانهم المنشود, واما الشيعة فهويتهم منذ قيام التشيع هي المذهب الشيعي وعليه ستقام دولتهم الشيعية. والسنة تبقى هويتهم كما هي, القومية العربية رغم تقدم القوى الدينية لديهم.
الاقليات في ظل هذه التطورات الاتية لامحال تجد نفسها في موقع لايحسدون عليه. هل من الافضل لهذه الاقلية او تلك ان تتخذ زاوية في هذه الدويلة او تلك؟ هل ستتحد هذه الاقليات في اتحاد فيدرالي اقلياتي تكمل بعضها البعض وتعيش بوئام وسلام؟ ام انها تصبح اقمارا تدور في فلك الدويلات الثلاثة كل واحدة تجذبها اليه؟ سيناريو اخر وارد بل نراه ضروريا وهو ان تبحث كل اقلية عن فرصها في تحقيق الذات في كيان مستقل رغم القلة العددية.
سنركز على اليزيدية موضوع بحثنا لنطرح جملة من الافكار التي عساها ولعلها تجد اهتماما لدى من يهمه الامر والشأن لتتدارس وتتحاور حولها بهدف طرح الاليات والسياسات الضرورية في قيام "الدولة" اليزيدية اسوة باخواتها الكوردية والشيعية والسنية والكلدانية او الاشورية....الخ. بطبيعة الحال اخترت مرادفة "دولة" مثالا لاحصرا , هذا الكيان قد تكون امارة يزيدية كما طرحها الكاتب والاعلامي المحترم عبد الغني علي يحي وبشكل عقلاني وجميل في مقاله الموسوم " البيان الايزيدي اقامة امارة للايزيديين حل منصف لقضيتهم العادلة" , او ادارة محلية, حكم ذاتي. لايهم الاسم طالما تكلمنا عن نظام سياسي متكامل له سلطاته التشريعية والقضائية والتنفيذية. هذا الكيان يشكل الضمانة الوحيدة في الحفاظ على ديمومة اليزيدية كشعب له كل مقوماته الداخلية اذا ما سمح له محيطه الخارجي. اليزيدية لهم لغتهم الكرمانجية وجغرافيتهم الواسعة التي تضاهي دول وامارات عالمية ونسمة تضاهي دويلات مستقلة, و لهم تراثهم وتاريخهم وارثهم الديني الواحد الموحد. بمعنى اخرى يستوفون شروط الهوية المستقلة بامتياز. لهم ما يكفي وزيادة على ذلك ليثبت انهم شعب له مميزاته وصفاته المستقلة بذاته. في سيناريو تقسيم العراق لايحق لاي طرف ان يكون وصيا على اي طرف اخر بل لابد ان توفر حرية الاختيار للجميع. ارى ان اكبر خطر على تفويت المكون اليزيدي على نفسه هذه الفرصة التاريخية سيجده في داخله متمثلا بالطابور الخامس والمتملقين و الكولابرادورر (المتعاونين من بني الجلدة مع الخارجين). احسب ان العامة من الشعب اليزيدي وشبابه بشكل خاص يرى ما نراه وانه متحمس ومتلهف الى الحلم المنشود في العيش في كيانه بسلام وامان . يا ترى هل ان الاوان للنخبة من امير و سياسيين ومثقفين ورجال دين, ان يرجعوا حساباتهم وتقييماتهم وان يقيٌموا التاريخ من جديد ؟ بتقديرنا المتواضع ,اليزيدية مقبلون على اتخاذ اصعب قرار في تاريخه الحديث وانه ان لم يتهيء له بجدية يجازف بارتكاب حماقة تصبح لامحال بداية النهاية له على ارض ابائه واجداده. غبي من يعتقد بانه محمي من قبل اي كيان اخر يدخل فيه تابعا متبوعا. على النخبة ان تتخلى عن مخلفات وتراكمات الماضي من انانية شخصية ومن لهث وراء الكراسي والوزارات التافهة و مقاعد برلمانية كارتونية. نحن نتكلم عن مصير شعبا بكامله وفرص بقائه من عدمه. اليزيدية اصحاب قضية وقضيتهم هي قيام كيانهم المستقل ولابديل لذلك...انهم في منزلة كن او لاتكن. وحدة الصف وتوحيد الخطاب والقفز على الاختلافات في الراي تعد من ضروريات المرحلة. اما امير اليزيدية ولرمزيته ولارثه التاريخي مطالب اكثر من اي وقت مضى وبكل جدية هذه المرة القيام بدوره كقائد وملهم او ان يتنحى جانبا لصالح هيكلية جديدة في الهرم اليزيدي الذي بات بامس الحاجة الى قيادة تواكب العصر وترتقي الى مستوى التحدي الذي لايستهان به.
ان يضع مكون امنه وامانه مرهونا باشخاص وعوائل محددة معدودة رغم دورها القيادي اليوم ومع جل تقديرنا واحترامنا لهذه العوائل والشخصيات, لهي مغامرة كبرى من النظرة الاستراتيجية والمبدأية. لا احد يشكك في تعاطف القيادة البارزانية وتعاطف شخص مام جلال مع المكون اليزيدي. لكن معادلة الامن القومي اليزيدي تبقى مختلة ومهزوزة ما لم يتم الاستناد فيها الى هيكلية دولة مستقرة لها النية والقدرة في تقديم هذا الامن. لنا هذه الايام من قضية الطفلة اليزيدية خير مثال حي على ما نقول...لن نكون منصفين ان ادعينا بان القيادة البارزانية لاتريد ان من لايرغب او لايستطع حماية اطفالهم وعرضهم وارضهم كيف يكون الضامن للبقاء اليزيدي؟ ليقل البعض المتملق ما يشاء نحن لانتكلم بالعاطفة بان تقدم حلا منصفا وعادلا يرضي المكون اليزيدي ولكن مع ذلك نتلمس من ادارة الاقليم عدم الجدية في التعامل مع القضية, لماذا؟ بكل بساطة لان القيادة على سلطتها مرغمة على مغازلة الخلل الكبير في البنية التحتية متمثلة بالشريعة الاسلامية وتقدم التيار الاسلامي المتطرف في كوردستان. هذا بفضح بجلاء هشاشة كوردستان في تقديم الامن والامان على شاكلتها الحالية وتفرض على اليزيدي البحث عن هيكلية وكيان جديد يضمن له هذا الامن.ل بعين العقل. انظروا الى الغزوة الحقيقية على الهوية اليزيدية...لقد اختفى اللباس اليزيدي التقليدي تماما لصالح اللباس الكوردي التقليدي....ليس هناك اي دعم لموسيقانا وتراثنا الموسيقي بل على العكس اصبح عرضة للتحريف والسرقة المبرمجة انظرو الى الحان وانغام موسيقانا التراثية والكلاسيكية كيف انها افرغت من كلماتها لصالح كلمات سياسية ثورية فافقدتها قيمتها التاريخية والفلوكلورية. انظروا الى اعيادنا واقدس مراسيم الاحتفالية بهذه الاعياد كعيد سه ري صالي وعيدا روزيا باتت هذه الاحتفاليات مفرغة من الكثير من محتوياتها مرة اخرى لصالح الدعاية الحزبية لتتحول الى مهرجانات سياسية يمارس فيها التملق الحزبي باقبح اشكاله....لاارى طعما في رفع الاعلام وصور الاشخاص في مناسبة دينية بحتة مارسها ابائنا واجدادنا على مر الاف السنين فورثناها لنسيئ ادارتها......! كل هذه مجرد امثلة على الغزو الممنهج لاخفاء الهوية اليزيدية مع الزمن وفي النهاية اذا ما استمر الامر كما هو عليه سيخيٌر اليزيدي بين ترك اخر معاقله"العقيدة" لصالح عقيدة الاكثرية من القوم او ترك البلاد ساعتها يندم المسكين على حظه وغبائه....ساعة لايفيد الندم.
الكاتب والمحلل السياسي
وسام جوهر
[email protected]
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست