الحرب على "داعش": سلحوا الكرد.. حاولوا مع وحدات حماية الشعب!
Monday, 08/06/2015, 16:44
مايكل روبن *
قام رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني بجولة إلى واشنطن، مطالبا الولايات المتحدة الأمريكية بتزويد قوات البيشمركة بالأسلحة والعتاد بشكلٍ مباشر، وذلك عبر التنسيق مع حكومة الإقليم، موضحاً بأن الحدود البرية التي تقارب الألف ميل مهددة من قبل "داعش"، وخاصة في مناطق النزاع مثل ديالا. إدارة الرئيس باراك أوباما رفضت تسليح البيشمركة مباشرة رغم ما سبق ذلك من محادثات، حيثُ أنها أكدت على أن تزويد الكرد بالسلاح يجب أن يتم عبر الحكومة المركزية في بغداد، مما يعزز من وحدة العراق، لكن ربما هذه السياسة لا يتفق عليها معظم الكرد، فهي سياسة حازمة تديرها إدارة أوباما. في الحقيقة فإن البيت الأبيض صرحَ دائما، وعلى لسان نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالتزام الولايات المتحدة الحفاظ على وحدة العراق، لكن بايدن مؤخراً أشار إلى التقسيم الثلاثي للعراق.
البيت الأبيض رفض تسليح قوات البيشمركة بشكلٍ مباشر، وهذا ما ظهرَ في خطاباته لحلف الأطلسي، مضيفاً بأن مسألة تسليح الكرد شأن لا يهمه. لكن مهما يكن فإنه يجب أن يتم تسليح القوات الكردية لمحاربة "داعش". عضوا الكونغرس السيناتور باربر بوكسر و جوني ارنست أفادا بأن تزويد حكومة الإقليم بالسلاح بشكل مباشر أمر غير ممكن، وهنا يأتي السبب: الولايات المتحدة لم تزود حكومة البرزاني بالأسلحة المطلوبة وذلك خشية أن تستخدم القوات الكردية هذه الأسلحة أكثر مما هي بحاجة إليها، ومن جهة أخرى قد يلجأ البرزاني إلى تخزين هذه الأسلحة واقتصار توزيعها للبيشمركة الذين ينتمون لحزبه السياسي. في هذه الأثناء يسعى "داعش" لزعزعة الاستقرار في كركوك، ومع ذلك لم تقم حكومة الإقليم بأي دعم عسكري لتلك المنطقة، لأنهم قاموا بانتخاب محافظ كردي قاوم الفساد، وهو ينتمي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب المنافس لحزب البرزاني، فحتى لحظة الأزمة الكبرى في كردستان لم يستطع البرزاني أن يلقي جانبا سياسته المتحيزة الضيقة، وهو الأمر الذي استغله تنظيم "داعش" في حربه على الإقليم.
عرقل الفساد نجاح الكرد ضد "داعش"، حيث أن البرزاني قام بتعيين ولده الأكبر سناً "مسرور"، مسؤولاً عن الخدمات الاستخباراتية، بالإضافة إلى توليه منصب رئاسة مجلس الأمن القومي، رغم أن انتباه مسرور كان نحو أمور أخرى، ففي عام 2010 قام مسرور بشراء قصر "ميكلين" في ولاية فيرجينيا بقيمة 11 مليون دولار، فكما أن مسرور شخص مغرور جداً لدرجة انه أعلن ولادة حزب خاص به بدعم من أعضاء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فإن كان الكرد يتلقون كميات قليلة من العتاد و الذخيرة فعليهم أن يشتروا الأسلحة ليدافعوا عن كردستان لا أن يقوم قادتهم بصرف هذه الأموال من اجل الرفاهية الشخصية.
قامت الحكومة العراقية بتعيين أعضاء حكومتها ورئيس الوزراء، كما أنها سعت نحو إعادة بناء الجيش العراقي المشتت لمحاربة "داعش"، الذي سيطر على مدينة الموصل وحقق تقدماً في قلب العراق "كركوك"، بينما المشهد في "شنكال" كان مختلفا فمعظم اٌلإيزيديين غاضبون من البرزاني لأنه تجاهل التهديدات الاستخباراتية التي وصلت لهم عن نية التنظيم بالهجوم على "شنكال"، كما انه لم يرسل التعزيزات اللازمة ورفض إرسال المساعدات، وانسحبت قواتهً من "شنكال" بسرعة تاركة الرجال والأطفال ليلقوا مصيرهم يالقتل، والنساء والفتيات تركن للاغتصاب، كما أن بعض المسؤولين الكبار في الحزب الديمقراطي الكردستاني ركبوا الطائرات ولاذوا بالفرار، وحتى مسعود البرزاني نفسه كان محميا حتى من هؤلاء الذين كانوا مستعدين أن يتركوا كردستان في الوقت التي كانت بأمس الحاجة إليهم. مؤخرا بعض الكرد قاموا بتضخيم النجاحات التي حققها البرزاني، فها هو مسرور البرزاني يعلن تحرير "شنكال" في ديسمبر/ كانون الثاني. للأسف التركيز فقط كان على تحرير "شنكال" بغض النظر عن سلامة الشعب .
إذا كان الهدف هو هزيمة "داعش"، فيجب تسليم الأسلحة والعتاد والدعم للكرد، لكن هذا التسليم يجب أن يكون للكرد المستحقين، فإذا وضع البرزاني الاعتبارات العائلية والقبلية في مستوى أعلى أهمية من الأمن الكردي أو الحرب ضد "داعش"، فأنه يتوجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تشرف على عملية توزيع الأسلحة لتتأكد من أن "اربيل" و "بغداد" سيرسلونها إلى المناطق التي تحتاجها فكركوك ينبغي ألا تهمل فقط لأن أهالي المنطقة لم يدعموا البرزاني في الانتخابات الأخيرة.
بصورة مختلفة ، كانت وحدات حماية الشعب (YPG)، الجهة التي لم تتلقى إلا القليل من الدعم الخارجي، قد قاومت التنظيم في كوباني إلى أن هُزِمْ أخيرا، وكانت هي نفسها من قام بحماية الإيزيديين إلى جانب قوات البيشمركة الضعيفة، وآمنت لهم ممراً للخروج، وأحرزت بذلك تحولا كبيراً. سافرتٌ إلى كردستان سوريا "روج آفا"، ورأيتٌ عن كثب إنجازات وحدات حماية الشعب والتضحيات التي قدموها، فإن كانت الولايات المتحدة تبحث عن قوة تدعمها لمحاربة "داعش"، فربما وحدات حماية الشعب (YPG)، قد تكون المستلم الصحيح للأسلحة، والتي تستطيع وقف تدفق التنظيم إلى سوريا أو جبال شنكال، لذا ولضمان نجاح عراقي أو كوردي عراقي يجب توفير التكافؤ العسكري. وحدات حماية الشعب ترتبط بحزب العمال الكردستاني الذي قاد تمرداً في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، لكن الحرب انتهت، وهناك عملية السلام بدأت بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية، أما وحدات حماية الشعب فالوضع مختلف، فهي تحارب الجهة الواجب محاربتها.
رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، على حق في دعوته لتسليح البيشمركة، علينا فعل ذلك، لكن لا يعني هذا أن يحتكر الدعم هو وأولاده، الذين اثبتوا أنهم غير جديرون بالمهمة، فبالنظر إلى دعم كردستان العراق، ودعم البيشمركة و دعم وحدات حماية الشعب، سيكون الخيار الصحيح هو دعم هذه الوحدات بالنسبة لـ"بوكسر و ارنست"، فجماعات الضغط في كردستان العراق غير جديرة بهذا الدعم، فهناك مجموعة من الأسئلة الصعبة التي يجب على المسؤولين الكرد الإجابة عليها، نحن اليوم بحاجة إلى إستراتيجية متماسكة لهزيمة "داعش"، لا أن نغرق بشكل متهكم في لعبة السياسة الكردية القائمة على هزيمة الذات.
* موقع (Commentarymagazine).
الترجمة عبد الرحمن داوود.
خاص بالمركز الكردي للدراسات.
المصدر:
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست