الشعب هو قوة التغيير
Tuesday, 15/02/2011, 12:00
بعد التدخل الأمريكي في العراق وأنهيار نظام صدام حسين القوموي الدموي، ظن الكثير من النخب المثقفة في المنطقة وخصوصاً الليبرالية منها، بأن التغيير الديمقراطي في المنطقة سوف تتحقق على يد أمريكا والغرب. وقد كان الحجة الواهية لهؤلاء هو كالتالي: "المجتمعات الشرق أوسطية جاهلة ومتخلفة ولا يستطيع الفرد فيه أن يحقق نفسه كشخصية حرة ومستقلة و لا يستطيع أن يحقق نفسه كشخصية حرة ومستقلة ولذا لا يستطيع مثل هذا الفرد والمجتمع أن يكونوا قوة التغيير الديمقراطي". لاشك بأن هذه النظرة الأستعلائية المرضية كانت تنسجم وتتناغم مع نظرة الدولة السلطوية المستبدة التي كانت ومازالت تقترب من شعوب المنطقة وكأنها "قطيع" لا حولَ لها ولا قوة!. أن هذه النظرة البعيدة عن الحقيقة كانت ومازالت تعبر عن الشخصية "المثقفة" البرجوازية الصغيرة المرضية التي تروضت على فضلات الثقافة الغربية الليبرالية المعبرة عن مصالح الفئات الغنية والشركات الأحتكارية المدافعة عن حرية الأحتكار والأستغلال تحت أسم "العصرنة والتنمية".ولكن رياح الثورة التونسية والمصرية أثبتت بأن الشعب هو قوة التغيير الأساسية والأنتفاضة الشعبية الديمقراطية هي الأداة والوسيلة المناسبة لتحقيق الديمقراطية وبناء المجتمع الأخلاقي والسياسي الحر. كما أثبتت هذه الأنتفاضات الجماهيرية الديمقراطية بأن الغرب الرأسمالي (أمريكا وأوربا) وأزلامهم في المنطقة أزدواجيين وديماغوجيين وماكرين لأبعد الحدود. لأنهم حاولوا تحريف مسار هذه الأنتفاضات الديمقراطية السلمية بشتى الوسائل ودعموا الحكومات الدكتاتورية حتى الدقائق الأخيرة. إذاً، التدخل الغربي الرأسمالي الحداثوي بقيادة أمريكا في المنطقة، لم تكن تهدف إلى التغيير والديمقراطية كما طَبَلَ وذَمَرَ لها بعض الأقلام "المثقفة" الليبرالية في السنوات السابقة. بل كان الهدف الأساسي لهذا التدخل هو تحريف مسار التغيير نحو أصلاحات شكلية تخدم النظام الحاكم وشركاته الأحتكارية وليس أكثر.
كما أن الدعاية الأمريكية والغربية الداعية إلى تقديم تركيا وأسرائيل كنماذج بديلة عن الأنظمة والدول الأقليمية الأخرى، أصطدمت بحقيقة الثقافة الديمقراطية الشعبية الأصيلة في المنطقة.وقد أتضحت حقيقة الدولة التركية التي تدعي بالديمقراطية شكلياً بينما تطبق أستبداداً شبيهة بعهد الأستبداد في زمن السلطان عبد الحميد على يد حكومة العدالة والتنمية في يومنا. لأن هذه الدولة تقدم أمتحاناً تعيساً في نشر الثقافة القوموية والتحكم السياسي والثقافة تحت أسم "الأسلام المعتدل" أو "النيو عثمانية". والدليل القاطع على ذلك، هو تحالفها مع التيوقراطية النجاتية في إيران والدكتاتورية البعثية في سوريا وعشقها السري والعلني مع الصهيونية بهدف أبادة آخر شعب غير تركي (أي بمعنى الشعب الكردي) في الأناضول وكردستان كما أبادت الشعب الأرمني عن بكرة أبيهِ في سنة 1915.
حقيقة الأمر هو عدم وجود حاجة لتقديم تركيا أو أسرائيل أو أية دولة أوربية كنموذج للشعب المصري. لأن مثل هذا الموقف يعني عدم أحترام إرادة الشعوب التي تبني نموذجها حسب خصوصياتها وظروفها وثقافتها. كما أن بناء المجتمع لا يشبه بناء قصر أو ملعب رياضي كما يتصوره علماء الأجتماع الوضعيين العلمويين في الغرب. بلس أن بناء المجتمع من جديد كما يوضحها قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان في مرافعته "سوسيولوجيا الحرية" هو من صنع المجتمع نفسه وذلك عبر إرادتهِ وطاقتهِ المتحررة الساعية إلى تنظيم كل الشرائح والثقافات واللغات والطبقات والمهن حسب خصوصياتها أفقياً عن طريق اللجان والمجالس المعبرة عن الديمقراطية الشعبية المباشرة.
من هذا المنطلق يمكن القول بأن صيغة المجتمع الجديد الديمقراطي في المنطقة هي تركيبة أوأطروحة مؤلفة من الثقافة الديمقراطية المجتمعية الممتدة إلى أعماق تاريخ المنطقة بالأضافة إلى ثقافة الديمقراطية ونضال الحرية لشعوب العالم كلها غرباً وشرقاً، شمالاً وجنوباً. لأننا لا يمكن أن نفصل بين ما يحصل حالياً من تحول ديمقراطي شعبي في المنطقة وبين تاريخها وميراثها الأجتماعي والأخلاقي والديمقراطي الممتد إلى عشرة آلاف سنة ق.م. لذا يجب قراءة التجربة التونسية والمصرية بشكل عميق وليس سطحي، وعدم الأنجرار وراء الدعاية الكاذبة والديماغوجية المتعجرفة للأبواق الأعلامية في تركيا وأسرائيل وسوريا وأيران والغرب بشكل عام. لأن هذا الأعلام لاتحترم إرادة الشعب العربي كما تقوم بالتستر على المقابر الجماعية في كردستان والأناضول وتقول بأن "الشعب التركي ليس لديه قضية أسمها الحرية، كما أن القضية الكردية ليس لها وجود".وعلينا أن نعرف بأن الذي لايحترم شعبه وثقافة الغير لا يمكن أن ينبض قلبه بصدق للأنتفاضة العربية الثورية في تونس ومصر. وهكذا فأننا أمام ديماغوجية وأزدواجية دولتية مدهشة لا حدود لها لدى الحكومات الأستبداية في أنقرة ودمشق وطهران وبعض العواصم الأخرى بصدد الثورة في تونس ومصر. والدليل الواضح على هذا الأمر هو موقف الأعلام التركي في الأيام الأولى من الأنتفاضة الشعبية في مصر عندما وضحت بأن "هذه الأنتفاضة قد تكون من صنع أمريكا والغرب" وحاولت التشويش عليها. ولكن أسطع من هذا كله هو موقف البوليس الأيراني والسوري القمعي من محاولات الشبيبة الديمقراطية في التعبير عن رأيها في الشارع وموقف البوليس التركي الدموي من أطفال الكرد والطلبة الأتراك المحتجين ضد ممارساتها. لذا فأن هذه الحكومات والدول سوف تحاول كما حاولت سابقا" في تحريف مسار الأنتفاضة الشعبية في المنطقة بشتى الوسائل.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست